» تقويم شهر رمضان المبارك لعام 1427هـ  » جلسة استقبال شهود هلال شهر رمضان المبارك  » تقويم شهر شعبان المعظم لعام 1427هـ  » التقويم الشهري لشهر رجب المرجب من عام 1427 هـ  » التقويم الشهري لشهر جمادى الآخرة من عام 1427 هـ  » تم إضافة تسجيل لعزاء وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام  » التقويم الشهري جمادى الأولى لعام 1427  » الحسينية الجعفرية احتفلت بعودة الميرزا عبدالله الاحقاقي  » التقويم الشهري لشهر ربيع الأخر لعام 1427  » تم إضافة تسجيل لعزاء وفاة الأمام الحسن العسكري عليه السلام  

  

30/11/1999م - 12:00 ص | مرات القراءة: 2405


أيها الإخوةُ المؤمنون الكرامُ الأعزاء.. إن لقبه "عليه السلام" ((الصادق)) المثبت عن الله عزَّوجلَّ والمروي عن رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله) والذي اشتهر عنه "عليه السلام" فيه من الدلائل العظيمة والأسرار العجيبة، وإلا فهم جميعاً صادقون (صلوات الله وسلامه عليهم)، وهم أصل الصدق وفرعه ومعدنه. ولعل من تلك الأسرار هو بزوغ شمسه "عليه السلام" بالحق والصدق..

~~~~~~~~~~~

يمكنك الأستماع إلى الخطبة المباركة من :

المكتبة الصوتية

~~~~~~~~~~~

نص الخطبة :

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ؛ الذي جعلَ المعرفةَ غايةً للصّنعِ والإيجاد، وجعلَ العلمَ هو الوسيلةُ للرّقي إلى أعلى مدارجِ الرّشاد، وهو الرّادعُ عن الهبوطِ والهوى إلى حضيضِ أوديةِ الشرورِ والفساد، والمنجاةُ عن أهوالِ شدائدِ البرزخِ ومُثلاتِ يومِ المعاد، وجعلَ حاملَها سائساً للعبادِ ومناراً للبلاد، والصلاةُ والسّلامُ على عِلّةِ الوجودِ والإمكان، ونقطةِ دائرة الأكوان؛ محمّدٍ أشرفِ الأنبياء وسيّد ولد عدنان، وعلى أخيهِ وصهرهِ أميرِ المؤمنين عليٍ فوّارَةِ العلومِ ومثارِ كُلِّ فيضٍ من جانبِ الرحمن؛ وألهما أمناء الملك المنَّان، وأوليائه في جميع العوالم والأزمان، وحججه على كافة الإنس والجان، ولعنة الله على أعدائهم وغاصبي حقوقهم وظالميهم؛ مصادر الجهل والطغيان، ومبادئ الشرور والعصيان والخزي والخسران.(إجازة خادم الشريعة الغراء الميرزا عبد الرسول الحائري"قدس سره" من عمه علامة دهره الميرزا علي الحائري"قدس سره")

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم العزيز المنزل على نبيه المرسل أبي القاسم محمَّد(صلى الله عليه وآله)

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(المائدة: 119)

أيها الإخوةُ المؤمنون الكرامُ الأعزاء.. نرفع جميعاً أحر التعازي القلبية إلى مقامِ صاحبِ العصرِ والزمانِ مولانا الحجةِ بن الحسن المهدي المنتظر (أروحنا له الفداء) وإلى مقامِ العلماءِ الربانيين في مشارق الأرض ومغاربها لاسيَّمَا مولانا المعظم الحكيمِ الإلهي والفقيهِ الرباني آيةِ اللهِ المولى الميرزا عبدِ اللهِ الحائريِ الإحقاقي (دام ظله العالي) في ذكرى استشهاد مولانا الإمام جعفر بن محمَّد الصادق "عليه السلام" مسموماً على أيدي الظلمة، وقد ارتحل إلى الرفيق الأعلى مساء الاثنين الخامس والعشرين من شهر شوال سنة مئة وثمان وأربعين بعد الهجرة؛ وله من العمر (صلوات الله وسلامه عليه) خمس وستون سنة وأشهراً، ودفن في البقيع عند جده وأبيه وعمه الحسن المجتبى (صلوات الله عليهم أجمعين).

1- أيها الإخوةُ المؤمنون الكرامُ الأعزاء.. إن لقبه "عليه السلام" ((الصادق)) المثبت عن الله عزَّوجلَّ والمروي عن رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله) والذي اشتهر عنه "عليه السلام" فيه من الدلائل العظيمة والأسرار العجيبة، وإلا فهم جميعاً صادقون (صلوات الله وسلامه عليهم)، وهم أصل الصدق وفرعه ومعدنه.

ولعل من تلك الأسرار هو بزوغ شمسه "عليه السلام" بالحق والصدق في فترة كثرت فيها الظواهر الفكرية والعقائدية مثل الزندقة والغلّو والاعتزال والجبر، وظهر جلياً اضطراب الموازين وتبني مبدأ التشكيك بكل شيء حتى في السُنّة النبوية وفي فهم القرآن الكريم، فلجأ البعض إلى الرأي والتجاوز عن مداليل النصوص المأثورة بلا قانون علمي قويم.

2- فاغتنم مولانا الإمام الصادق "عليه السلام" الوضع السياسي في تلك الفترة لنشر علوم أهل البيت "عليهم السلام" كما ذكره مولانا المقدس خادم الشريعة الغراء "قدس سره الشريف" في ترجمة حياة الإمام "عليه السلام"؛ يقول "قدس سره الشريف": [ففي أواخر الدولة الأموية وضعفهم وأوائل الخلافة العباسية وغفلتهم أشرف الحق على حريته قليلاً، وحصلت فترة صغيرة للظلم والجور والضغط على أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي؛ فاغتنم الإمام هذه الفرصة الثمينة فتصدى لإحقاق الحق وإبطال الباطل، فشرع بترويج حقائق الشريعة وإظهار أسرارها، وبيان رموزها ونشر أحكامها، حتى أشرقت شمس الهداية على البلاد، وسطع نور العلم على العباد من الحاضر والباد، وكل أخذ على قدر ذوقه واستعداده واشتياقه من الحكمة والفقه والأخلاق، ومن أنواع العلوم الغريبة كالجفر والكيمياء وغيرها](أحكام الشريعة/ج1/خادم الشريعة الغراء"قدس سره")

3- أيها الإخوةُ المؤمنون الكرامُ الأعزاء.. يطيب لنا التأمل في معنى الصدق بذوق حكمي، وكيف أنهم "عليهم السلام" هم الصادقون حقاً، فشيخنا الجليل شيخُ المتألهين الشيخُ الأوحد أحمدُ بن زين الدين الأحسائي "قدس سره الشريف" في شرحه لقول الإمام علي الهادي "عليه السلام" في قوله: ((المتقون الصادقون المصطفون)). ذكر أموراً دقيقة وعجيبة في كتابه المبارك (شرح الزيارة الجامعة الكبيرة)، قال رفع الله في الجنان مقامه: [والصدق هو أن يطابق القول ما في الواقع وهو قول من يقول: بالله وعن الله سواء عرف أن ذلك بالله وعن الله أم لا، فإن عرف فقد فاز بالحسنيين وإلا فله عمله. وفي مصباح الشريعة قال الصادق "عليه السلام" (الصدق نور غير متشعشع إلا في عالمه كالشمس يستضيء بها كل شيء يغشاه من غير نقصان يقع على معناها والصادق حقا هو الذي يصدق كل كاذب بحقيقة صدق ما لديه وهو المعنى الذي لا يسمع معه سواه أو ضده مثل آدم "عليه السلام" صدق إبليس في كذبه حين أقسم له كاذبا لعدم ماهية الكذب في آدم "عليه السلام" قال الله عزَّوجلَّ {وَلمْ نَجِدْ لهُ عَزْماً} ولأن إبليس أبدع شيئا كان أول من أبدعه وهو غير معهود ظاهرا وباطنا فخسر هو بكذبه على معنى لم ينتفع به من صدق آدم "عليه السلام" على بقاء الأبد وأفاد آدم "عليه السلام" بتصديقه كذبه بشهادة الله عزَّوجلَّ بنفي عزمه عما يضاد عهده على الحقيقة على معنى لم ينقص من اصطفائه بكذبه شيئاً فالصدق صفة الصادقين وحقيقة الصدق ما يقتضي تزكية الله عز وجل لعبده كما ذكر عن صدق عيسى ابن مريم في القيامة بسبب ما أشار إليه من صدقه مرآة الصادقين من رجال أمة محمد (صلى الله عليه وآله) فقال عزَّوجلَّ {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} الآية وقال أمير المؤمنين "عليه السلام" (الصدق سيف الله في أرضه وسمائه أينما هوى به يقد) فإذا أردت أن تعلم أصادق أنت أم كاذب فانظر في قصد معناك وغور دعواك وعيّرها بقسطاس من الله عزَّوجلَّ كأنك في القيامة قال الله عزَّوجلَّ {وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ} فإذا اعتدل معناك بدعواك ثبت لك الصدق وأدنى حد الصدق أن لا يخالف اللسان القلب ولا القلب اللسان ومثل الصادق الموصوف بما ذكرنا كمثل النازع روحه إن لم ينزع فما ذا يصنع).

4- قوله "عليه السلام" (الصدق نور غير متشعشع إلا في عالمه) يعني به أنه لم يلزم منه أنه لا يقع إلا على الصدّق أي لا يصدّق الصّادق إلا الصادق ليشرق في غير محله، بل يجوز أن يصدق الكاذب لأن الصدق ينير في قلب الصّادق لا غير إلا أنه ينتفع به الصادق والكاذب بنيل مطلوبهما. ولما كان الصّادق ليس عنده كذب لم يعرف الكذب في نفسه فإذا سمع القول صدَّقه وإن كان كذباً لحقيقة ما عنده لأنه لا يظن كذب المخبر وقوله وأفاد أي الصدق آدم "عليه السلام" بتصديقه كذب إبليس بشهادة الله بنفي عزمه أي بأنه لم يدع ما ليس في وسعه حتى أخبر الله بأنه لم تفهم ولم يدع ما لا يفهم فلهذا لم ينقص عدم فهمه وتصديقه الكاذب من اصطفائه شيئا بل هو صفي الله وذلك قوله (ومثل الصادق الموصوف بما ذكرنا كمثل النازع روحه إن لم ينزع فماذا يصنع) يريد به أن الصادق ليس له التفات ما، كما أنَّ الذي في حال النزع ليس له التفات إلى غير نزع الروح.

5- والمراد أن الصدق له مراتب متعددة: يطلق عليها من باب التشكيك؛ فأدناه ألا يخالف اللسان القلب ولا القلب اللسان، وأعلاه كمثل من هو في النزع لأن من هو في النزع قد تجمعت جميع شؤونه في شأن واحد فلم يبق له التفات إلى غير النزع لعظم الخطب النازل، فكذلك أعلى الصدق فإن صاحبه محترقٌ في نارِ المحبة قد أشغلته حرارة نارها بالطلب عن كل شأن حتى عن نفسه فهو في فناء محبوبه غائب عن نفسه وشؤونها كمثل النازع روحه، وهذه على كمال ما ينبغي لا ينالها إلا محمدٌ وأهلُ بيته. وأما غيرهم فمنهم المدعي لها الكاذب في دعواه ومنهم الجاهل بهم ومنهم الصادق العالم، ولكنه يعرف أن مقامه منها ليس على كمال ما ينبغي فالمدعون لها كثيرون وأكثرهم الصوفية يزخرفون الكلام ما يتوهم الطغام أن كُلاً منهم إمام.. [ثم ذكر "قدس سره الشريف" ما قاله أحد الصوفيين في شعره كشاهد على جهلهم وتوهمهم بأنهم وصلوا، والحق أنهم ما وصلوا، ومن ثم يكمل بقوله "قدس سره الشريف"]:

6- والجاهلون بها إذا حصل لهم أدنى توجه وإقبال بحيث قل اشتغالهم بالدنيا بالنسبة إلى غيرهم توهموا [أنّ] مقام وراء مقامهم وهم في الحضيض مقيمون؛ ولكن لا يعلمون. والعالمون كالأنبياء والمرسلين فأنوار قلوبهم وأضواء أفئدتهم وصفاء أجسامهم واعتدال أمزجتهم ومعارفهم وعلومهم بالنسبة إلى نهاية المراتب ناقصة متسافلة وهم مع قربهم يعلمون نقصهم إلى محمد وآل محمدٍ (صلى الله عليه وآله) كما هو حال الشعاع من الشمس المنيرة وذلك لقصور مشاعرهم وقوابلهم عن الإحاطة بذلك فخاص بالذات لمحمد وآله السادات صلى الله عليهم أجمعين فهم الصادقون حقا، عَنْ أَبِي الحَسَنِ الرِّضَا "عليه السلام" قَال (الصَّادِقُونَ هُمُ الأَئِمَّةُ؛ وَالصِّدِّيقُونَ بِطَاعَتِهِمْ).](شرح الزيارة الجامعة الكبيرة/ج1/الشيخ الأجل الأوحد"قدس سره")

نفعنا الله بالعلم النافع وجعلنا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}

7-(وسبحانَ ربِكَ ربِّ العزةِ عمَّا يَصِفُونَ وسَلامٌ عَلى المرسلينَ والحمَّدُ للهِ ربِّ العَالمينَ) وجزى الله علماءَنا خيرَ جزاءِ المحسنين، رحم الله الماضين منهم وأيَّدَ الباقين وسدَّدهم بتسديده وحفظهم بحفظه , لاسيما مولانا الحكيمَ الإلهي والفقيهَ الرباني مرجعَنا في المسيرة الأوحدية بعينه التي لا تنام وأعزه بعزته وأطالَ عمرَه الشريف بالصحة والعافية، ونسأله "جلَّ وعلا" أن يوفقَنا جميعاً لما يحبُه ويرضاه إنه سميع مجيب.. وصلى الله وسلَّم على ساداتنا وموالينا محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.


فضيلة الشيخ عادل الشواف "سلمه الله"
مسجد أمير المؤمنين "عليه الصلاة والسلام"

التعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!